تفسير كلمة التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب
الاستغاثة بغير الله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
قال المؤلف -رحمه الله-
ولا يذبح لغيره، ولا ينذر لغيره، لا لملك مقرب، ولا لنبي مرسل، فمن استغاث بغيره فقد كفر، ومن ذبح لغيره فقد كفر، ومن نذر لغيره فقد كفر وأشباه ذلك.
وتمام هذا.. أن تعرف أن المشركين الذين قاتلهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانوا يدعون الصالحين مثل الملائكة و عيسى اسم> وأمه و عزير اسم> وغيرهم من الأولياء، فكفروا بهذا؛ مع إقرارهم بأن الله -سبحانه وتعالى- هو الخالق الرازق المدبر.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين، نبينا محمد اسم> وعلى آله وصحبه أجمعين.
عرفنا أن عبادة الله هي التقرب إليه بكل طاعة، وأن جميع الطاعات تسمى عبادات، لماذا؟ لأن المخلوق والمتقرب بها والمطيع يتذلل حال أدائها، والتذلل هو التعبد، فإذا ركع فقد تذلل، وإذا سجد فقد تذلل، وإذا وقف خاشعا فقد تذلل، وإذا ذبح لمخلوق فقد تذلل له، وإذا نذر له فقد تذلل له، وقد تواضع له، وكذلك إذا دعاه وإذا استغاث به وإذا خافه وإذا رجاه وإذا توكل عليه وإذا أحبه محبة قلبية، وهكذا جميع القربات والطاعات.
هذا سبب تسميتها عبادة؛ لأن الذي يفعلها يكون متذللا، والتذلل هو التعبد، ولا يصلح إلا للخالق -تعالى- الذي خلقنا وجعلنا عبيدا له فنحن عبيد له، لماذا؟ لأننا نتذلل له، ونحن عبيد له؛ لأنه يملكنا ويتصرف فينا.
قد ذكرنا أن العبودية قسمان: عامة، وخاصة.
فالعامة: تعم جميع الخلق.. المؤمن والكافر، والبر والفاجر.
كيف كانوا عبيدًا مع أنهم لا يتعبدون أو أكثرهم؟
الجواب: لأنهم ملك للمعبود، يتصرف فيهم كما يتصرف السيد في عبيده، فهو يُميت ويُحيي، يَرِيشُ ويَبْرى، يفقر ويغني، يمنع ويعطي، يصل ويقطع، يخفض ويرفع، يعطي ويمنع، يتصرف فيهم؛ فلذلك كانوا كلهم عبيدًا لله -تعالى- قال الله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وأما النوع الثاني: فهم العباد المتعبدون، الذين عبّدوا أنفسهم لربهم، وتذللوا له وتخشعوا وتخضعوا واستكانوا وأنابوا وخشعوا وخضعوا وأطاعوا، فهؤلاء عبوديتهم عبودية خاصة، ذُكروا في قول الله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
فمن استغاث بغير الله فقد كفر. والمراد بالاستغاثة -هنا- الدعاء من المكروب. المكروب إذا وقع في شدة فدعا يسمى دعاؤه استغاثة، ومن ذلك: دعاء المسلمين إذا اشتد القحط واحتاجوا إلى المطر فإنه يسمى استغاثة.
وكل دعاء من مكروب يسمى استغاثة، ويسمى العطاء الذي يعطيه غوثًا؛ فلذلك يسمى المطر غوثًا؛ لأن الله يعطيهم وهم بحاجة في قوله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
في حديث أم إسماعيل لما نفد الماء معها، ثم ذهبت تطلب، صعدت الصفا اسم> ثم المروة اسم> سعت بينهما سبع مرات، ثم سمعت صوتا، فقالت: قد أسمعت إن كان عندك غوث، أو إن كان عندك غياث. يعني: تفريج كربة، تفريج تلك الكربة التي تنزل بالإنسان تسمى غوثا.
فإذا دعا المسلمون ربهم بالمطر، فأنزل عليهم المطر، فهذا المطر غوث؛ لأن دعاءهم دعاء مكروب، وإذا كانوا -مثلا- في خوف من العدو ودعوا ربهم كان ذلك الدعاء استغاثة، فإذا نصرهم فذلك النصر غوث وغيث.
ذكرنا بالأمس قول الله تعالى قوله: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
فإذا كان الإنسان في كرب وشدة؛ فإنه إذا دعا الله -تعالى- يسمى دعاؤه استغاثة، والله -تعالى- يجيبه في تلك الحال إذا كان مخلصا.
ذكر ابن كثير اسم> في تفسير سورة النمل: أن إنسانا كان سائرا في طريق ومعه بضاعة له، فاعترصه أحد قطاع الطريق فقال: استسلم فإني سوف أقتلك. فقال: خذ البضاعة واتركني. فقال: البضاعة لي؛ وإنما أريد قتلك. فقال: أمهلني أصلي ركعتين. يقول: فكبرت أصلي ركعتين، وقرأت قول الله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
هكذا ذكر القصة ابن كثير اسم> في التفسير عند هذه الآية من سورة النمل، دليل على أن المضطر إذا دعا الله -تعالى- بشدة، وهو في حالة الضرورة أنه يجيب دعوته.
مسألة>